Читать книгу في القلب الكثير - Ayham Najem - Страница 5

العمر

Оглавление

العُمر هُو ذلِكَ الزّمن يُقتَطَعُ من التّاريخ كحيّزٍ لَك، تراه طويلاً أو قصيراً، تراه مُهمّاً أو لا تلتفِتُ له، تراه استثنائيّاً أو كالبقيّة.

لقد اقتُطِعَ وانتهَى الأمر، هُو ملكُك.

والعمرُ يُشبه السّهم، ينطلقُ من مهدك إلى لحدك.

لا يُمكِنُ أن يمُرّ فردِيّاً، ولا يُمكِنُ ألّا يَصِل، لَا بُدَّ مِن سِهَامٍ أُخرى تَمُرّ معه، تلتقي فيقضي أحدها على الآخر وتسقط في آنها، أو تبتعد فتسقط في لُحودٍ متباعدة، أو تستمرُّ برفقةِ الدّرب، تتشارك الهواء الذي تخترقه والمكان الذي تحتله.

هُو العُمر يُطلَقُ مرَّةً لكلِّ وَاحدٍ فِينا، وجَعْلُه جَمِيلَاً زَاهِيَاً صُنع أيدِينَا، فاحذَر على ما يَترُكُهُ التَّارِيخُ عَنك.

وفي العُمر _عمر كلِّ واحدٍ مِنّا_ نقاطٌ معرُوفَةٌ عبر التّارِيخ.

حين يُولد وحين يَشبّ وحين يُهدي العمر لمولودٍ وغيرها، كُلّها نقاط فرح، وهناك نقطةُ تلاقٍ وحيدة يخرجُ الشخص فِيها من عُمرِهِ لعُمرٍ جديد، يُولد فِيهَا من جديد، يُمنح روعةَ النّظرِ إلى ألوانٍ لم يشهدها أحدٌ سواه، يتجسد فيها العمر شخصاً يُشاركه هواه، وتلك أيضاً نقطةُ فرح.

وكلّ شخصٍ يشكّل هيئة هذه النقطة في خياله إلى أن يلاقيها، لربما يراها شُعاعاً وسط ظَلمة، أو نهضةً بعد نكسة، أو يَداً تمتدُّ له حين يُحاول النجاةَ بلا جدوى، ولربما يراها عبق الرّبيع بعد شتاءٍ داكنٍ بارد، دفئاً يعوض صرْد الليل، نسمةً تبعثُ الأمل فيه من جديد، صلاةَ توبةٍ بحرقة الفَرحِ وهو التّائِب، سطورَ هوىً في أيدي العشّاقِ حَولَهُ وهو الكاتِب، سطوعَ الشمسِ بعد ليلٍ طَويل، وصفاءَ الليل والبدرُ فِيه، أو لمسةً من روحٍ تخترقُ كلَّ المستحيل وتُلامس القلب بحنان، وهمسةً من تلك الروح تقول اهدَأ أنا هنا لديك.

هِي لحظة فرحٍ تمتدُ على مدى العمرِ كلّه.

فباللهِ ما يَجعلكَ تَظنُّ أيّها الشاكي، أنَّ لحظةً فِي عمركَ كتلك، يُمكِنكَ أن تقبَل أن تَكونَ لحظةً حزينة؟!

في القلب الكثير

Подняться наверх